اليمن - ‏نكث الوعد وتداعياته: نصف الراتب المتعثر يفاقم معاناة معلمي وأكاديميي اليمن

شبكة النقار 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

 

فؤاد محمد

في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يواجهها اليمن، بات المعلمون والأكاديميون يشكلون شريحة مجتمعية تعاني أشد المعاناة. وبينما كانت الآمال تتصاعد مع وعود متكررة من سلطة الأمر الواقع بصرف نصف راتب شهري لتخفيف وطأة الأزمة، سرعان ما تبددت هذه الآمال لتتحول إلى خيبة أمل مضاعفة، بعد أن تخلفت السلطة عن وعدها ولم تفِ حتى بذلك الجزء الضئيل من مستحقاتهم وفقا لقانون الآلية الاستثنائية لدعم فاتورة المرتبات وحل مشكلة صغار المودعين.

لقد جاءت هذه الوعود في سياق من التأخيرات المتكررة في صرف الرواتب، والتي أثرت بشكل مباشر على قدرة المعلمين والأكاديميين على تلبية احتياجاتهم الأساسية وتأمين حياة كريمة لأسرهم. ففي مجتمع يعاني من ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة العملة، يمثل الراتب شريان الحياة الوحيد للكثيرين، وتأخيره أو اقتطاعه يعني وضعهم وعائلاتهم على حافة الفقر المدقع.

وعندما أعلنت سلطة الأمر الواقع عن صرف نصف راتب شهري، استقبل هذا الإعلان بشيء من الحذر الممزوج بالأمل. كان الجميع يدرك أن نصف الراتب لا يكفي لتغطية كافة الاحتياجات، ولكنه كان يُنظر إليه على أنه خطوة إيجابية ولو كانت متواضعة، وإشارة إلى إدراك السلطة لحجم المعاناة التي يكابدها العاملون في قطاع التعليم.

إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، فبدلاً من أن يتحقق هذا الوعد الجزئي، تفاجأ المعلمون والأكاديميون بعدم صرف أي جزء من الراتب الموعود. هذا النكث بالوعد لم يكن مجرد تأخير إضافي، بل كان صفعة قوية وجهت إلى شريحة تعتبر أساس بناء المجتمع ونهضته. لقد شعروا بالخذلان والتجاهل، وتفاقمت لديهم حالة عدم الثقة في الوعود الرسمية.

إن تداعيات هذا الإخلاف بالوعد تتجاوز الجانب المادي الصرف. فإلى جانب تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة، يؤدي هذا الأمر إلى تدهور الروح المعنوية لدى المعلمين والأكاديميين. كيف يمكن لمن يعاني من ضغوط اقتصادية ونفسية أن يؤدي واجبه على أكمل وجه في تربية الأجيال وتنوير العقول؟ إن الإحساس بالظلم وعدم التقدير يقوض الدافعية ويؤثر سلباً على جودة التعليم ومستقبله في البلاد.

من المتوقع أن يثير هذا النكث بالوعد موجة من الاستياء والغضب في أوساط المعلمين والأكاديميين، وقد يدفعهم ذلك إلى اتخاذ خطوات تصعيدية للمطالبة بحقوقهم. إن قطاع التعليم، الذي يعاني أصلاً من نقص الموارد والتحديات الكبيرة، قد يواجه المزيد من الاضطرابات إذا لم يتم التعامل مع هذه القضية بجدية ومسؤولية.

إن المسؤولية تقع على عاتق سلطة الأمر الواقع لإدراك خطورة الوضع والوفاء بالتزاماتها تجاه هذه الشريحة الحيوية. إن صرف الرواتب، ولو بشكل جزئي في الوقت الحالي، ليس مجرد حق للمعلمين والأكاديميين، بل هو ضرورة للحفاظ على استقرار العملية التعليمية وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

ختاماً، يمكن القول إن نكث الوعد بصرف نصف الراتب يمثل حلقة أخرى في سلسلة المعاناة التي يواجهها قطاع التعليم في اليمن. إنه يرسل رسالة سلبية ويقوض الثقة، ويزيد من الأعباء على كاهل المعلمين والأكاديميين الذين يواصلون أداء واجبهم رغم كل الصعاب. إن الوفاء بالوعود وتقدير جهود هذه الشريحة هو استثمار حقيقي في مستقبل اليمن وازدهاره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق